بداية من العام 1975، فرض الخمير الحمر سيطرتهم على كمبوديا، معلنين بذلك بداية واحدة من أكثر الفترات الدموية بتاريخ المنطقة. فخلال نحو 4 أعوام فقط، أسفرت السياسة التي مارسها الخمير الحمر، الذين مثلوا حزبا سياسيا تبنى التوجهات الماوية للزعيم الصيني ماو تسي تونغ، بقيادة بول بوت (Pol Pot) بكمبوتشيا الديمقراطية (Democratic Kampuchea) عن وفاة أكثر من 1.5 مليون شخص وهو ما يعادل حوالي 20 بالمئة من سكان البلاد حينها. وقد فارق هؤلاء الكمبوديون الحياة حينها إما بسبب عمليات الإعدام والتعذيب والأعمال الشاقة أو عن طريق المجاعة التي حصدت لوحدها النسبة الأكبر من عدد الضحايا.
مع استيلائهم على الحكم بكمبوديا، عمد الخمير الحمر بقيادة بول بوت لمهاجمة قطاعات هامة لاقتصاد البلاد. فبناء على السياسة الجديدة، أغلق الخمير الحمر البنوك وهدموا العديد منها واصفينها بالمؤسسات الرأسمالية الخبيثة كما عمدوا لإلغاء نظام السوق الحر وعلّقوا التعامل بالعملة حيث فضّل المسؤولون حينها التخلص من نظام النقد بالبلاد. أيضا، تحولت كبرى المدن لمدن أشباح بسبب إجبار المتواجدين على التوجه للعمل بالحقول. وبسبب ذلك، تواجد المسؤولون بالبنوك والمهندسون والأطباء جنبا لجنب مع الفلاحين للعمل على زراعة الأرز بالحقول.
من ناحية أخرى، قدّس الخمير الحمر زراعة الأرز بكمبوديا. وبأحد خطاباته عام 1978، قال بول بوت "إذا امتلكنا الأرز فسنمتلك كل شيء".
عام 1976، قدم نظام بول بوت برنامجا زراعيا غريبا لزيادة المحاصيل بشكل سريع على مدار 4 سنوات. إلى ذلك، ركز هذا البرنامج بشكل أساسي على الأرز ووضع بقية المنتوجات الزراعية في قائمة المحاصيل الثانوية غير الضرورية لتطور البلاد. ولإنجاح هذه السياسة حدد الخمير الحمر كميات معينة من الأرز وجب على الشعب تقديمها للبلاد حيث طولب العاملون بإنتاج ما يعادل 3 أطنان من الأرز بكل هكتار من الأراضي الزراعية وهو ما عادل ثلاثة أضعاف ما كان ينتج عام 1970.
في الأثناء، عانى العاملون بالأراضي الفلاحية من ظروف عمل قاسية حيث اضطروا لتحمل نقص الغذاء، الذي صادره المسؤولون بالبلاد ووزعوه حسب نظام الحصص، وواجهوا بذلك سوء التغذية والأمراض المرتبطة بها.
وفي خضم ذلك، واجه نظام الري بالحقول مشاكل عديدة. فبسبب اعتماد بول بوت على أشخاص غير مختصين في مجال الهندسة الزراعية، عانى العديد من الحقول من شح المياه وهو ما أدى بالتالي لإفساد جانب هام من المحاصيل.
أدت هذه الظروف الصعبة لتفشي المجاعة بكمبوديا. ولمواجهتها، اضطر الكمبوديون للجوء لحلول عديدة. فبينما عمد البعض لأكل جثث الموتى لمقارعة الجوع، لجأ آخرون للسوق السوداء بحثا عن الطعام. فضلا عن ذلك، لم يتردد كثيرون في قطف ونهب المحاصيل خلسة. وفي حال إلقاء القبض عليهم متلبسين بتهمة قطف المحاصيل وأكلها، عوقب الكمبوديون بالإعدام بتهمة تخريب اقتصاد البلاد.
حسب العديد من التقارير، أسفرت المجاعة والأمراض المرتبطة بسوء التغذية عن وفاة ما لا يقل عن مليون كمبودي ما بين عامي 1975 و1979 ببلد قدّر عدد سكانه بحوالي 7 ملايين نسمة.