هناك صورة مثيرة للانتباه نشرتها القيادة المركزية الأميركية منذ أسابيع وتبدو فيها مسيرة من نوع "إم كيو" 25 على حاملة الطائرات "جورج اش بوش".
فهذه الطائرة بدون طيار تحمل أطناناً من وقود الطيران المخصص للنفاثات الحربية والمسيرات التي تستعملها القوات الأميركية والاستخبارات في مسارح العمليات.
وتشير معلومات العربية/الحدث إلى أن القيادة المركزية لديها هذه الإمكانيات في منطقة عملها بأفغانستان، وتحتاجها لتنفيذ مهمة "عبر الأفق" بحسب تقديرات العسكريين والمتخصصين في الشؤون العسكرية.
ففي حين غابت الأخبار الأمنية والعسكرية الأفغانية منذ أكملت القوات الأميركية والأطلسية انسحابها من كابول أواخر شهر أغسطس الماضي، لكن الحقيقة أن القوات الأميركية استعانت خلال الأشهر الماضية بتقنيات عالية لمتابعة الوضع هناك.
إذ أكدت المصادر أن القوات الأميركية تستعمل القواعد والسفن المنتشرة في الخليج العربي وبحر العرب للانطلاق إلى الأجواء الأفغانية والقيام بعملية مسح مستمرة للتحركات العسكرية ورصد التنظيمات الإرهابية على الأراضي الأفغانية.
كما تستعمل الطائرات والمسيرات للقيام بهذه المهمة، بالإضافة إلى "الخرانات الطائرة" لتزويد أسطولها الجوي في أجواء أفغانستان بالوقود، وبالتالي لا تضطر للعودة إلى قواعدها خلال ساعات قصيرة بل تستطيع الاستمرار في التحليق لساعات.
إلى ذلك، أوضحت المصادر في البنتاغون أن استراتيجية "عبر الأفق" كما وضعتها إدارة الرئيس الأميركي الحالي جوزيف بايدن "صعبة لكنها ليست مستحيلة".
ولدى التحدّث إلى خبراء وعسكريين سابقين خدموا في أفغانستان، يلاحظ أن حالة الغضب ما زالت مستمرة، فالشعور بالنقمة على قرار الانسحاب ما زال موجوداً، لاسيما وأن هذه الطبقة من العسكريين والخبراء كانت تفضّل أن يقبل بايدن وإدارته بالاقتراحات التي تقدّم بها الجنرال فرانك ماكنزي قائد المنطقة المركزية والجنرال ميللر قائد القوات الأميركية في أفغانستان، بشأن إبقاء مئات من الجنود الأميركيين في أفغانستان، لكن الرئيس الأميركي أصرّ على الانسحاب الكامل وعدم إبقاء أي جندي على الأرض.
كما يعود بعض مشاعر النقمة إلى أن العسكريين الذين خدموا هناك يشعرون بأنهم فصلوا عن مهمة صرفوا فيها 20 عاما من الجهد والمال، ومات فيها حوالي خمسة آلاف من زملائهم، وما زال من الصعب عليهم القبول بقرار الانسحاب، والانتقال إلى "عبر الأفق"
إلى ذلك، كرر العسكريون ورجال الاستخبارات الأميركية أن عدم تجاوب دول وسط آسيا مع الولايات المتحدة، وامتناع هذه الدول مثل طاجيكستان عن السماح للطائرات الأميركية بالتحليق في أجوائها، يزيد من صعوبة المهمة، فالأميركيون لديهم نفق جوّي واحد يستطيعون استعماله، ويعبر من أجواء باكستان إلى الحدود الشرقية لأفغانستان فيما الأجواء الإيرانية شبه مغلقة أمام الأميركيين.
كذلك يشعر العسكريون أن غياب قواتهم عن أرض أفغانستان تسبب بخسارة ضخمة تستعملها الدول لجمع المعلومات من مسرح مليء بالأحداث، فوجود قوات وعناصر استخبارات على الأرض يسهّل الاتصال المباشر بمصادر المعلومات، ويضمن قدرة رجال الاستخبارات على التحقق من هذه المعلومات، وهذا ما فقده الأميركيون، ولم يبق لديهم غير مئات من المتعاونين ممن عملوا معهم خلال العقدين الماضيين في أفغانستان.
إلا أن حتى هؤلاء يعانون من الخوف، فالأميركيون على مسافة آلاف الكيلومترات، ولو سقط أحد المتعاونين بيد طالبان أو تنظيم إرهابي مثل القاعدة أو داعش فسيلقى مصيراً سيئاً.
على الرغم من كل ذلك، يعتبر العسكريون الأميركيون "أن مهمة عبر الأفق تعمل" حتى أن بعضهم أكد للعربية والحدث أنها ناجحة، والدليل أن المهمة جوهرها "منع أي هجوم من أراضي أفغانستان على أراضي الولايات المتحدة ومصالحها" .
كما أضافوا ألا هجمات وقعت حتى الآن، إذن "فهي ناجحة".
غير أن هذا التقدير الأميركي يحمل مخاطرة يفهمها العسكريون ووكالات الاستخبارات فهم يعبّرون لدى التحدّث عن هذه المهمة عن قلق حقيقي من أن النجاح حتى الآن لا يعني أنه دائم أو كامل، بل إن أفغانستان تحوّلت إلى خطر صامت بانتظار أمر ما يمكن أن يحصل!