بدأ وزير الداخلية بحكومة الوفاق المنتهية ولايتها فتحي باشاغا، يفكر ويخطط للعودة إلى السلطة من بوابة الانتخابات المقرر إجراؤها في بلاده نهاية العام الحالي، لكن محللين ومراقبين يرون أن التقرير الأخير لديوان المحاسبة، لطخ اسمه بالفساد بشكل قد ينهي مستقبله وطموحه السياسي.
وكان باشاغا، الذي غادر أمس الثلاثاء، السلطة بعد سنتين على توليه منصب وزير الداخلية، أعلن عزمه الترشح للانتخابات الرئاسية، المقرر إجراؤها في 24 ديسمبر المقبل.
وتحدث في حوار مع صحيفة "لوبوان" الفرنسية عن ملامح برنامجه السياسي، وقال إنه يرتكز على "الأمن ووحدة الوطن والمصالحة الوطنية"، وذلك "لأهميتها في تحقيق الاستقرار الذي سيفتح المجال أمام عودة الشركات الدولية والمستثمرين للعمل في البلاد من جديد، خاصة بمجال البنية التحتية".
وأضاف باشاغا أنه في حال انتخابه رئيسا في ديسمبر القادم، سيسعى لتكريس "المواطنة، ومكافحة الفساد، والتنوع من حيث الأصول والأعراق، وكذلك تعزيز القطاع الخاص ليحل محل القطاع العام"، كما سيعمل على "تعزيز مؤسسات الدولة بما يسمح بالدفاع عن ليبيا ضد التدخل الأجنبي".
وبدأ باشاغا حملته الانتخابية مبكرا سواء على الميدان، أين شوهد وهو يقود سيارته الخاصة دون حراسة ويشتري الخضر من الأسواق، أو على مواقع التواصل التي أصبح يستخدمها للدعاية للقانون والتداول السلمي على السلطة، وكذلك لمهاجمة خصومه، وهي تحركات قال متابعون إنها تشير إلى أنه يقود حملة انتخابية مبكرة وتكشف عن طموحاته السياسية.
وفي هذا السياق، قال المحلل السياسي الليبي محمد الرعيش لـ"العربية.نت"، إن باشاغا سيعمل على أن لا ينساه الليبيون حتى موعد الانتخابات القادمة، خاصة أنه يحتاج إلى تحسين صورته وسيرته لدى الناس والرفع من شعبيته، بعدما ترافق خروجه من السلطة مع صدور تقرير ديوان المحاسبة لعام 2019 والذي يتهمه بالفساد المالي وعقد صفقات بطريقة غير قانونية.
وكشف تقرير ديوان المحاسبة الذي نشر قبل نحو أسبوعين، عن إنفاق مبالغ فيه في وزارة الداخلية بقيادة فتحي باشاغا وإهدار للمال العام، حيث أكد أن نفقات الوزارة تصاعدت من 869 مليون دينار في العام 2016 إلى 2.4 مليار دينار في العام 2019، أي بمعدل زيادة بنحو 267%.
هذه الاتهامات رد عليها باشاغا وقال إنها "معدة للاستهلاك الإعلامي وشكل من أشكال الابتزاز والفساد السياسي بغية التشهير والإساءة وتصفية حسابات خاصة بسبب حزم وزارة الداخلية مع ممارسات ديوان الحاسبة المنحرفة"، مضيفا أن "هذه التقارير جوفاء لا يجرؤ مصدرها إحالتها للقضاء كونها لا تقوى على حمل مضمونها".
ومن جانبه، أكد المحلل السياسي ورئيس مؤسسة "سلفيوم" للأبحاث والدراسات جمال شلوف، أن "باشاغا حاول إقناع الرأي العام الليبي أمس بأنه سلم سلطة الداخلية وانطلق كمواطن عادي منفردا نحو سوق الخضار دون حراسة، لكنها كانت محاولة خداع، بعدما تبيّن أن معه مرافقة ميليشياوية لحمايته من الميليشيات المعادية له التي تنتشر في العاصمة طرابلس ومدن أخرى غرب ليبيا والتي حاول اصطيادها في إطار عملية "صيد الأفاعي" التي أطلقها قبل أشهر لملاحقة عصابات التهريب".
ورجح شلوف في حديث مع "العربية.نت"، أن تكون للميليشيات المناهضة لباشاغا يد في خروج تقرير ديوان المحاسبة الذي أشار بوضوح لحجم الفساد في داخلية حكومة الوفاق وتحت إدارة باشاغا، مشيرا إلى أن اتهامات الفساد التي تطال باشاغا ستمنعه من العودة إلى المشهد السياسي وتقلص من حظوظه في الانتخابات القادمة التي يعتزم الترشح لها، رغم محاولاته الدعائية بأنه مؤمن بالتداول السلمي وليس قائدا ميليشياويا وقائد انقلاب ميليشيات فجر ليبيا على مخرجات صناديق الاقتراع عام 2014.