لا شك أن السنوات الأربع لدونالد ترمب في الرئاسة الأميركية حققت العديد من المخططات على صعيد السياسة الخارجية.
على عكس ما جرى أسلافه في التعامل مع الملفات الخارجية، مضى ترمب في سياسة مغايرة.
فلقد انسحب من الاتفاق النووي الإيراني، وأمر بقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، متحدياً أولئك الذين قالوا إن هذه التحركات ستؤدي إلى حرب، بحسب ما أفادت صحيفة نيويورك تايمز في تقرير مطول لها الاثنين.
ثم توسط في معاهدات بين إسرائيل ودولتين عربيتين، ودحض أولئك الذين قالوا إن مثل هذه الصفقات يمكن أن تأتي فقط بعد إنشاء دولة فلسطينية.
فمرارًا وتكرارًا في الشرق الأوسط، كان ترمب يفي بوعوده بطرق حذر الخبراء من أنها قد تؤدي إلى اندلاع حريق أو تنفجر في وجهه.
إلا أن التوقعات بحدوث كوارث لم تتحقق، بل على العكس أدت سياساته في كثير من الحالات إلى إنجازات يمكن إثباتها.
لكن الصحيفة اعتبرت أن الخطوات الجريئة غالباً ما تحمل في طياتها عيوبا محتملة، فلقد استأنف الإيرانيون مشروعهم النووي، الذي يعتقد الخبراء أن لديه ما يكفي من المواد النووية لصنع قنبلة. وبدت فرص حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بعيدة أكثر من أي وقت مضى.
كما أشارت إلى أن الرئيس الجمهوري تعامل مع المنطقة كرجل أعمال أكثر من كونه سياسيًا، حيث كان يضغط بالتناوب على الخصوم ويقدم الإغراءات الاقتصادية، ويقتنص الفرص حيث وجدها.
ومن اللافت للنظر أن هذا النهج التبادلي أتى بثمار لم ينجح في تحقيقها النهج الدبلوماسي السابق الأكثر استراتيجية.
رغم الإنجازات التي تحققت، يرى بعض النقاد - بحسب الصحيفة - أن ترمب أخطأ في عدد من الملفات، وهو ما سمح لتركيا بمهاجمة شركاء أميركا الأكراد في سوريا على سبيل المثال.
كما أن النزاعات مستمرة في سوريا وليبيا وغيرهما.
إلا أن من أهم أهداف ترمب الطموحة، هزيمة المتطرفين، وإخضاع إيران.
وخلال فترة ولايته، خسر داعش بالفعل خلافته المزعومة، وأصبحت الهجمات التي يشنها أنصاره نادرة بعد قطع رأس التنظيم، على الرغم من أنه لا يزال يمثل تهديدًا على الأرض.
إلى ذلك، ركز ترمب الكثير من اهتمامه على إيران، التي وصفها بأنها أكبر مصدر لعدم الاستقرار في الشرق الأوسط من خلال دعمها لشبكة من الميليشيات النشطة في جميع أنحاء العالم العربي، بعد أن سعى الرئيس السابق باراك أوباما لإغراء إيران بوعدها بتخفيف العقوبات والمشاركة مع الغرب، وهو نهج أدى إلى اتفاق دولي للحد من برنامج إيران النووي.
لكن الرئيس الحالي أعلن أن هذا الاتفاق فاشل لعدم تناول برنامج إيران الصاروخي وسلوكها العدواني، وسمح لها باستئناف تخصيب اليورانيوم غير المقيد في عام 2030. لذلك استبدل الجزرة بالعصى وانسحب من الاتفاقية وأطلق حملة "أقصى ضغط" لتقييد موارد إيران المالية.
وفي يناير استهدف ترمب شبكة الميليشيات الإقليمية الإيرانية، وأمر بقتل مهندسها سليماني. وأدت حملة الضغط - بما في ذلك العقوبات على مبيعات النفط الإيرانية والمعاملات المالية - إلى خنق اقتصادها. فانخفضت عملتها بنحو 50% مقابل الدولار في الشهر الماضي.
واشتكى المسؤولون الإيرانيون بصراحة من المحنة لكنهم ظلوا رافضين للتفاوض مع ترمب.
إلا أن الإدارة الأميركية الحالية تؤكد أن هذه السياسة قللت من التهديد الإيراني من خلال إضعاف قدرتها على تمويل الميليشيات في العراق وسوريا وجماعة حزب الله المسلحة في لبنان والميليشيات الحوثية في اليمن.
إلى ذلك، رأت الصحيفة أنه بغض النظر عمن سيفوز في انتخابات الثالث من نوفمبر، فقد أحدث ترمب تغييرات في الشرق الأوسط، يجب أن تأخذها الإدارة المقبلة في الاعتبار.
ومع وجود حكومة إيران في ضائقة مالية شديدة، يتساءل بعض حلفائها الإقليميين عن المدة التي يمكن أن تصمد فيها حيث يمكن للإدارة التالية أن تستخدم هذه المحنة كوسيلة ضغط، حتى لو كانت تسعى لتحقيق أهداف مختلفة تمامًا.