تمثل الطاقة عصب الحياة الحديثة والمحرك الأساسي للتنمية، وهو ما يعزز تزايد الاهتمام الدولي نحو إيجاد طاقة بديلة أكثر كفاءة وأقل تلويثاً للبيئة.
ومع تسارع الخطى نحو المصادر المستدامة، التي تدفع عجلة النمو الاقتصادي وتدعم العديد من الصناعات في أجزاء كثيرة من عالم اليوم، يبرز دور الاستفادة من مخزونات الغاز الطبيعي كأحد الخيارات المهمة والأكثر كفاءة في سلة مزيج الطاقة للعديد من الدول حول العالم.
وقال سكوت سترازيك - الرئيس التنفيذى لشركة "جنرال إلكتريك" للغاز - إن الحديث عن أمن الطاقة يستدعي ضرورة النظر إلى الصورة الكلية والشاملة في قطاع الغاز عالمياً. ولا شك أن إمدادات الغاز وسهولة الوصول إليه يأتي عن طريق الولايات المتحدة ومناطق أخرى، مثل: قطر، وأسترالياً والعديد من مناطق الاكتشافات الحديثة، كما في الإمارات "جبل علي"، وتطوير حقل الجافورة للغاز و"الفاضلي" بالسعودية، الذي يعد إضافة كبيرة لمخزونات الغاز.
وأضاف سكوت في لقاء مع "العربية.نت": "إذا نظرنا لإمدادات الغاز العالمي الذي تدعمه البنية التحتية القوية نرجح أن تنمو إمدادات الغاز الطبيعي بمعدل 25% بحلول عام 2025. ومع اكتشاف مكامن جديدة وتطويرها في دول مجلس التعاون الخليجي، ستستمر GE Gas Power كشريك للنمو في دول المنطقة. ومع تزايد الطلب على البنية التحتية والطاقة، تعد حلول GE Gas Power مناسبة تماماً للمساعدة في تمكين المنطقة من تحقيق كفاية الطاقة".
هذه الإمدادات الهائلة تقابلها قوة الطلب من منطقتين، وهما: الولايات المتحدة ودول آسيا.. "أما بالنسبة للولايات المتحدة فالغاز يستخرج من باطن الأرض. وبسبب وجود كميات كبيرة من الفحم في أميركا يمكننا تفسير اعتمادنا الكبير على الفحم في توليد ثلث الطاقة في أميركا.. إلا أن العامل الاقتصادي يجعل استخدام الغاز أكثر جدوى من استخدام الفحم. والأمر الآخر، يتمثل بفعالية وتطور التكنولوجيا الجديدة بالحد من الانبعاثات الكربونية للغاز بأكثر من 70% بالمقارنة مع انبعاثات الفحم. لذلك نحن نمر بعملية مراجعة وتحسين طريقة الاستفادة من الموارد الطبيعية، حيث يتعلق الأمر حقاً بالاقتصاد والمناخ".
وتابع "أغلب الغاز المستخرج في الولايات المتحدة والذي لا يتم استخدامه يتم نقله لدول آسيا، لأنه في آسيا تكون دورة الطلب مدفوعة فعلياً من الغاز، وهو حل لتوفير طاقة كثيفة خصوصاً للبلدان ذات المساحات الصغيرة. إذا ما نظرنا إلى مناطق مثل تايوان، وكوريا، واليابان، وبنغلاديش، هي من الأسواق التي تحتاج للكهرباء لكن ليس لديها أراضٍ كافية، لذلك لا يوجد حل أفضل من الغاز. وأصدرت تايوان قانوناً يقضي باستبدال الطاقة النووية بحلول 2025، وإذا كنت في جزيرة في تايوان وبحاجة لاستبدال النووي الخاص بك في 10 سنوات فلن تستثمر في الألواح الشمسية أو توربينات الرياح، لكن ستجد مصدر تكنولوجيا الغاز الذي يمكنك الاعتماد عليها بسبب انخفاض سعر الغاز الطبيعي المسال - إذن لديك بديل استراتيجي الآن".
وأضاف "الغاز لا يزال يلعب دوراً مهماً في مزيج الطاقة العالمي باعتباره عنصراً مكملاً لمختلف مصادر الطاقة المتجددة. وتتيح تقنيات HA التي قمنا بتطويرها إمكانية الوصول إلى مستويات غير مسبوقة من الكفاءة، ومساعدة العملاء على مواكبة المعايير الأكثر صرامة لخفض الانبعاثات الضارة بالبيئة".
وكانت "جنرال إلكتريك " قد أطلقت توربينات HA الغازية الأضخم والأكثر كفاءةً على مستوى العالم في عام 2014، وسجلت منذ ذلك الحين رقمين قياسيين عالميين لناحية الكفاءة في استهلاك الطاقة ضمن الفئتين 50 و60 هرتز. وقد سجل توربين HA حتى اليوم أكثر من 500 ألف ساعة تشغيل عدا عن كونه التقنية الأسرع نمواً في صناعة التوربينات الغازية مع تسجيل 100 طلبية خلال 6 سنوات من قبل ما يزيد على 25 عميلاً في أكثر من 15 دولة ولدينا 69 وحدة يتم تسليمها الآن. قمنا بالعديد من الاستثمارات بمعدات الطائرات التي تقاوم الحرارة، وهو ما مكننا من إنشاء توربينات قادرة على الحرق بشكل أعلى ومقاومة للحرارة في توربينات الغاز وتتمتع بكفاءة كبيرة وفاعلية.
نستطيع اليوم إنتاج طاقة أكبر باستخدام تكنولوجيا أضغر حجماً بالكثير من المزايا الفعالة، وعلى سبيل المثال، انتهينا للتو من اختبار جهاز آي إتش 2 في ساوث كارولينا - حيث يتمكن الجهاز من الحركة بشكل آفقي ونزولاً بسرعة 60 ميجاواط في الدقيقة - لذلك تعد من أكبر التوربينات في المجموعة إلا أن لديها المرونة الكافية للحركة بشكل أفقي ونزولي بالسرعة المطلوبة، وهو ما يجعلها بديلاً مثالياً، ليس فقط للفحم والطاقة النووية، وإنما للطاقة المتجددة أيضاً.. وهو ما يعطي تفاؤلاً بأن هذه التكنولوجيا ستلعب العديد من الأدوار في العديد من أنحاء العالم. نستفيد من هذه التوربينات أيضاً على النطاق الواسع - كل توربينات الغاز هي عبارة عن توربينات سابقة - وقمنا بإطلاق 5 منتجات مختلفة من "إتش إي كلاس"، وكل هذه المنتجات تتقاسم بحدود 60% إلى 80% مع الآلات السابقة".
وأكد سكوت سترازيك أن شركة GE تتمتع بتاريخ طويل في السعودية، مع تعاون وثيق يعود إلى ثلاثينيات من القرن العشرين. تتماشى عملياتنا في البلاد بشكل متناغم مع أهداف رؤية السعودية 2030 وتساهم في التنويع الاقتصادي، وخلق فرص العمل للسعوديين، وبناء القدرات المحلية، وتعزيز ثقافة الابتكار".
وأضاف "نتعاون بشكل مستمر مع عملائنا في الشركة السعودية للكهرباء (SEC) وأرامكو السعودية، وغيرهما للمساعدة في جعل الطاقة في المملكة أكثر كفاءةً وبأسعار معقولة وموثوقية ومستدامة. وبالتالي، يوجد اليوم أكثر من 500 توربين غازي من GE في المملكة، وتولِّد التقنيات المبنية من GE أكثر من نصف طاقة البلاد. تشمل استثماراتنا في الدولة أيضاً مبنى GE للتصنيع والتكنولوجيا (GEMTEC). ويشمل ذلك مركز GEMTEC لخدمة وإصلاح التوربينات الغازية، ومركز البحث والتطوير (R&D)، ومركز مراقبة وتشخيص للمراقبة عن بعد لأصول توليد الطاقة، وكذلك شركة GE Saudi Advanced Turbines (GESAT) ، وهي استثمار مشترك بين شركة Dussur و GE لتصنيع التوربينات الغازية الثقيلة ومكوناتها في المملكة. يساعد مبنى GEMTEC في رعاية المواهب المحلية، وبناء نظام إيكولوجي للموردين المحليين لقطاع الطاقة، وزيادة الصادرات عالية القيمة، وغير ذلك الكثير".
وتابع "ومع تطلع السعودية لقطاع الطاقة لديها، واستخدام اكتشافات الغاز الجديدة لتوليد المزيد من الكهرباء، يمكننا تقديم حلول رائدة في الصناعة إلى البلاد، مثل تقنية GE HA - التوربينات الغازية الأكثر فعالية في العالم. حيث ساعدت توربينات الغاز HA من جنرال إلكتريك بالفعل في تحقيق أرقام قياسية عالمية لكفاءة الدورة المدمجة في 50 هرتز و60 هرتز. في الواقع، لدينا القدرة على تصنيع التوربينات محلياً في GESAT وبدأنا بالفعل في تصدير مساعدات التوربينات HA من المنشأة. علاوة على ذلك، يمكننا المساعدة في تحسين كفاءة محطات الطاقة الحالية من خلال حلول الترقية والتقنيات الأخرى. على سبيل المثال، يتم استخدام حل ترقية التوربينات الغازية من GE لتقدم الغاز على ثلاثة توربينات في مصنع الهفوف السعودي للأسمنت. ستساعد الترقية في زيادة إنتاج المجمع بنسبة إجمالية تصل إلى 16.9% عبر التوربينات الثلاثة. إن وجودنا وقدراتنا المحلية في وضع فريد لنا لدعم أهداف الطاقة المستقبلية في السعودية".
ومن المشاريع الرئيسية التي نفذتها "جنرال إلكتريك" في المنطقة (محطة سيوا للطاقة الكهربائية في الشارقة)، والتي تولِّد طاقة بالدورة المركبة بـ1.8 جيجاواط – ومن المرجح أن يصبح المشروع عند اكتمالة محطة التوليد الأكثر كفاءة في قطاع المرافق بمنطقة الشرق الأوسط، وسيساهم في تعزيز كفاءة العمليات التشغيلية واستدامتها. وتمثل التكنولوجيا فرصة مذهلة لزيادة الفوائد، وإضافة قيمة عالية للعديد من أجزاء المنطقة للمد الكهربائي والاقتراض من أجزاء أخرى من المنطقة، بالإضافة لفرصة الاستقلالية في مجال الطاقة.
وساهمت تقنية "إتش آي" التي طورتها "جنرال إلكتريك" في تحقيق رقمين قياسيين عالميين، الأول عن تشغيل المجمع رقم 1 في محطة "تشوبو نيشي- ناغويا" لتوليد الطاقة الكهربائية في اليابان، والتي تعد واحدة من أكفأ محطات الطاقة العاملة بنظام الدورة المركبة في العالم، مع تحقيق معدل كفاءة نسبته 63.08% من الكفاءة الكلية. وسجلت الرقم القياسي العالمي الثاني بتحقيق أعلى مستوى كفاءة للتشغيل بالدورة المركبة في "محطة بوشان" التابعة لشركة الكهرباء الفرنسية (EDF) بمعدل كفاءة 62.22%. ومن خلال هذين الإنجازين، فقد تفوقت توربينات HAالغازية من "جنرال إلكتريك" في تشغيل أكثر محطات الطاقة كفاءة في العالم ضمن فئتي 60 و50 هرتز.
وتبرز أهمية مستويات الكفاءة القياسية التي تحققها وحدات HA من "جنرال إلكتريك" بالنسبة للمشروع بالنظر إلى أنه من المتوقع أن يساهم استخدام ثلاث وحدات 9HA في عمليات الدورة المركبة في خفض انبعاثات ثنائي أكسيد الكربون، بما يصل إلى 4 ملايين طن سنوياً، مقارنة بالمستويات الحالية، أي ما يعادل إزالة مليون سيارة من طرق الإمارات، وبالتالي الحد من الأثر البيئي لعمليات إنتاج الطاقة في إمارة الشارقة.
وفي مشروع آخر، تعد شركة ألمنيوم البحرين "ألبا" أول من استخدام توربينات الغاز ضمن قطاع مصاهر الألمنيوم على مستوى العالم. وساهمت جنرال إلكتريك بتصميم وبناء وشراء 1,792 ميجاوات الخاصة بدورة غاز التوربين المركبة فى محطة توليد الكهرباء الخامسة، وذلك بتحقيق كفاءة 54%.
وقال سكوت "تقنية إتش آي ألبا - تستهدف الوصول لكثافة أعلى للطاقة - تغيير بسيط في الكلفة يدفع إلي ديناميكية تنافسية حقيقة تعطي للعميل فرصة لتغيير منحى الربحية - هذة التكنولوجيا تعلمنا الكثير - ليس فقط في بناء مصانع جديدة - لكن في أخذ التكنولوجيا واستخدامها في قاعدة تثبيت موجودة وتحدث أساطيل موجودة. ستساهم هذة التكنولوجيا بدور حيوي في تعزيز كفاءة عمليات ألبا بالتزامن مع خفض تكاليف الوقود والأعمال التشغيلية على مدى السنوات المقبلة. حرصنا خلالها على دعم الشركة وتزويدها بأحدث الحلول التقنية التي تساهم في تعزيز الإنتاجية والكفاءة التشغيلية".
وقامت "جنرال إلكتريك للطاقة" بالتعاون مع وزارة الكهرباء الكويتية بتطبيق حلول التحديث الشاملة لمحطة "الصبية الغربية" لتوليد الطاقة العاملة بالدورة المركبة باستطاعة 2000 ميجاواط.
وتضمنت المرحلة الأولى من المشروع تركيب تحديثات "تحسين مسار الغاز AGP الرائدة التي طورتها "جنرال إلكتريك"، الأمر الذي أثمر عن زيادة إنتاجية اثنين من التوربينات الغازية في المجمع رقم 1 بنسبة أكثر من 6%، وهو ما أدى بدوره عن رفع إنتاجية الطاقة في المحطة بأكثر من 35 ميجاواط. ويمكن إنتاج الطاقة الإضافية بنفس كمية الوقود السابقة، وبالتالي خفض الانبعاثات الغازية بما يعادل إزالة 8000 سيارة من طرقات الكويت.
وتساهم المرحلة الأولى من المشروع في تلبية الطلب على الكهرباء في موسم الذروة الصيفي، بما ينسجم في المضمون والأهداف مع رؤية "كويت جديدة 2035"، الرامية إلى تطوير البنية التحتية الوطنية، وتوفير بيئة معيشة أكثر استدامةً.
