في آخر تطورات ملف سد النهضة، أصدرت وزارة الخارجية الأميركية قبل أيام بياناً حول نتائج زيارة مبعوثها الخاص للقرن الأفريقي، جيفري فيلتمان، إلى مصر والسودان وإثيوبيا، وتفاصيل المحادثات التي أجراها حول السد.
وقالت الخارجية الأميركية إن فيلتمان ناقش مع قادة مصر والسودان وإثيوبيا المخاوف حيال سد النهضة، وسلامته والتوفيق بين احتياجات إثيوبيا التنموية ومصالح مصر والسودان، مؤكداً التزامه بالعمل مع الشركاء الدوليين لإيجاد حل وتقديم الدعم السياسي والفني لتسهيل التوصل إلى نتيجة ناجحة للمفاوضات.
يذكر أن مجلس الانتخابات الإثيوبي كان أعلن السبت الماضي تأجيل الانتخابات التي كان من المُقرر عقدها في 5 يونيو المقبل لأسباب لوجستية، في خطوة اعتبرها مراقبون أن لها علاقة بالتطورات في إقليم تيغراي والملء الثاني لسد النهضة.
ورغم البيان الأميركي الحاد حول تأثير عدم الوصول لاتفاق حول السد على استقرار المنطقة، ما زالت التصريحات الإثيوبية تتكرر وتتحدى وتعلن استعداد أديس أبابا للملء الثاني لسد النهضة في يوليو القادم.
لكن مصدراً مصرياً كشف لـ"العربية.نت" أن التصريحات الإثيوبية لا يقابلها إنجاز على أرض الواقع، وأن الأعمال الخرسانية لجسم السد لا تجري بالمعدل الذي يسمح بالتخزين، مؤكداً أن مصر متمسكة بحقوقها المائية من خلال التوصل إلى اتفاق قانوني منصف وملزم يضمن قواعد واضحة لعملية ملء وتشغيل السد، ومنها الملء الثاني، ولن تقبل بالإضرار بمصالحها المائية.
كما أشار المصدر إلى أن أعمال الخرسانة أعلى الممر الأوسط لجسم السد تحتاج لوقت طويل قد يصل لشهور حتى تصبح جاهزة للتخزين واستيعاب المياه التي من المقرر أن تبلغ 13،5مليار متر مكعب.
وأضاف أن إثيوبيا قد ترفع الممر الأوسط لنحو 10 أمتار فوق 30 مترا، وتخزين نحو 2 إلى 4 مليارات متر إضافية تسمح بتشغيل توربينين (وهما مولدان للكهرباء يتم وضعهما على جسم السد)، وتحقيق الهدف السياسي وليس الفني من التمسك بالملء الثاني دون اتفاق مع مصر والسودان.
من جانبه أوضح وزير الري المصري الأسبق، محمد نصر علام، لـ"العربية.نت" أن القاهرة ترحب بالوساطات الأميركية والأفريقية حول السد، إلا أنها لن تتنازل عن اتفاق جاد يتوافق مع الأمن المائي المصري.
وأكد علام أن تمسك إثيوبيا بالملء الثاني تهديد خطير وجسيم لمصالح مصر ويهدد بشكل واضح وصريح أمنها القومي، وهو ما لم ولن تقبل به القاهرة.
إلى ذلك توقع ألا تنجرف إثيوبيا نحو الملء الثاني لعلمها أنه لا يمكن دولياً أو قانونياً تمريره دون موافقة وتنسيق مع مصر والسودان، معتبراً أن البيان الأميركي حذر من تداعيات ذلك، و أن قرار تأجيل الانتخابات الإثيوبية يرجع -وفق تصوره الشخصي - لأمور لها علاقة بالسد وعدم إمكانية تنفيذ الملء الثاني، وهو ما يهز ثقة المواطن الإثيوبي في الحكومة الحالية ويؤثر على شعبية رئيس الوزراء آبي أحمد وقد يؤدي لهزيمته في الانتخابات.
كما شدد علام على أن مصر لن تقبل أن يتم فرض الملء الثاني عليها ولن تسمح بأن يصبح السد أمراً واقعاً يهدد مصالحها المائية دون اتفاق قانوني يلزم الطرف الإثيوبي بالتنسيق حول قواعد الملء والتشغيل، وتحديداً خلال فترات الجفاف والجفاف الممتد.
ولفت إلى أن الرسالة المصرية التي وصلت للمبعوث الأميركي ومن قبله الطرف الإثيوبي كانت واضحة وهي أن مياه النيل قضية وجودية لمصر وأي مساس بها سيهدد الأمن والاستقرار في المنطقة.