ستنظم الانتخابات الرئاسية الإيرانية المقبلة في إحدى الجُمُعات من شهر خرداد الإيراني (من 22 مايو إلى 21 يونيو) في السنة المقبلة 2021، ومنذ الآن بدأت التكهنات حول المرشحين ومن الأسماء المطروحة يمكن الإشارة إلى وزير الخارجية الإيراني الحالي محمد جواد ظريف والرئيس السابق محمود أحمدي نجاد ورئيس السلطة القضائية والمرشح الرئاسي السابق إبراهيم رئيسي والرئيس السابق لبلدية طهران والعضو النائب الجديد في البرلمان محمد باقر قاليباف، والرئيس السابق للبرلمان الإيراني علي لاريجاني وآخرين.
وسيتم في الانتخابات المقبلة اختيار الرئيس الثامن لنظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية عن طريق التصويت الشعبي، ولكن شرط أن يحصل المرشحون على تأييد مجلس صيانة الدستور الذي يعين المرشد الأعلى علي خامنئي رئيسه وستة من أعضائه الفقهاء، ووفقًا للدستور، لا يحق لحسن روحاني، الرئيس الحالي الترشح في هذه الانتخابات، نظرًا لفترتين رئاسيتين متتاليتين.
وفي الوقت الذي ينفي البعض ترشح ظريف يبدو أن وزير الخارجية الإيراني يحظى بتأييد الإصلاحيين للترشح في الانتخابات الرئاسية وفقا لتقرير نشرته صحيفة "شرق" الناطقة بالفارسية والتي كتبت قبل أيام تقول: "منذ فترة نسمع عن تكهنات حول السياسة الانتخابية للإصلاحيين في الانتخابات الرئاسية، ومن بين هذه التكهنات هو طرح اسم وزير خارجيتنا، محمد جواد ظريف، كمرشح نهائي للإصلاحيين".
لماذا يرشح الإصلاحيون ظريف رغم أنه لا يمكن تصنيفه كإصلاحي مثله مثل الرئيس روحاني؟ بل الاثنان ينتميان للتيار المعتدل؟
إن فشل الحركة الإصلاحية في تحقيق الوعود الانتخابية نتيجة لسيطرة المتشددين على مفاصل الدولة أدى إلى مقاطعة جماهيرية واسعة للانتخابات البرلمانية، وهذه المقاطعة أضرت بالإصلاحيين لأن المقاطعين كانوا عادة يصوتون للإصلاحات، كما أن فشل الإصلاحيين في السيطرة على البرلمان وتركه للمتشددين الذين فازوا بأصوات الحد الأدنى، أثار تساؤلات عدة ومن بينها "هل يمكن للإصلاحيين العودة إلى السلطة السياسية، بالنظر إلى القيود التي يفرضها مجلس صيانة الدستور؟".
ومن الحلول المتبقية أمام الإصلاحيين في مواجهة المتشددين الذين يحظون بدعم المرشد علي خامنئي والحرس الثوري ومجلس صيانة الدستور، هو دعم مرشح معتدل للحؤول دون صعود رئيس جمهورية متشدد إلى رئاسة السلطة التنفيذية في البلاد، حيث يكفي لهم أن تكون السلطة التشريعية بيد المتشددين بالإضافة إلى السلطة القضائية التي يترأسها المتشدد آية الله إبراهيم رئيسي والمعين من قبل خامنئي هو الآخر.
ويرى مؤيدو ترشيح ظريف في المعسكر الإصلاحي أن وزير الخارجية الإيراني يحظى بموقع اجتماعي وسمعة جيدة لدى المتشددين حسب زعمهم، رغم أنه لم يتم تعريف ظريف رسمياً من خلال التيار الإصلاحي، ولكن يرى الإصلاحيون بأن لديه الكثير من القواسم المشتركة معهم، ومن المحتمل أن يتمكنوا من التوصل إلى اتفاق نهائي معه، خاصة وأن احتمال رفض أهلية أي مرشح إصلاحي آخر وارد جدا، خلافا لظريف الذي من المتوقع أن يجتاز فلتر مجلس صيانة الدستور.
أيد قبل فترة "علي صوفي" محافظ جيلان ووزير التعاون في دولة محمد خاتمي الإصلاحية، التكهنات حول احتمال ترشح ظريف فقال: "ظريف لم ينف التواجد على ساحة رئاسة الجمهورية، مضيفا: "رغم أن الديبلوماسيين لا يحق لهم إعلان الانتماء للتيارات السياسية، إلا أن ظريف لديه نزعة إصلاحية، وهو يختلف تماما عن حسن روحاني الذي جاء من خلفية أصولية محافظة..".
وأضاف يقول إن المتشددين يتهمون ظريف بالخيانة، وتساءل يقول: "هل يصادق مجلس صيانة الدستور الإيراني على ترشح ظريف لمنصب رئاسة الجمهورية؟"
ویؤكد السياسي الإصلاحي والمحافظ السابق لخراسان الشمالي والمساعد السابق لحسن روحاني في الشؤون البرلمانية "محمد رضا خباز "، على أنه لو ترشح محمد جواد ظريف في الانتخابات الرئاسية سيخرج فائزا منها، مضيفا: "علينا تقديم وجوه جديدة للشعب، وأن لا نقلق بشأن الأصوات، إلا أنه لو كانت هناك برامج انتخابية واستطاع المرشح تأكيد التزامه بالبرامج المطروحة سوف يصوت الشعب له".
وأردف خباز يقول: "ثمة احتمال قوي أن يترشح ظريف لرئاسة الجمهورية رغم إعلامه في السابق بأنه لن يترشح للانتخابات، وذلك بسبب الضغوط التي تعرض لها من قبل المتشددين على خلفية توقيع الاتفاق النووي، ولكن لا مكان للمستحيل في عالم السياسة، ويمكن أن يترشح (ظريف)".
كما يعتقد مدیر مكتب دراسات وتسجيل التاريخ الإيراني والمدیر السابق لصحيفة "کیهان هوایی"، "عباس سلیمي نمین" وهو من الصحافيين المتشددين المحافظين، بأن محمد جواد ظريف يعد أفضل من يمكن ترشيحه من قبل الإصلاحيين.
وقال في مقابلة مؤخرا مع "نامه نیوز" الناطقة بالفارسية: "من بين السادة محسن هاشمي رفسنجاني، وإسحاق جهانجيري، وعلي لاريجاني، ومحمد جواد ظريف، أعتقد أن ظريف لديه أفضل فرصة لحصوله على دعم الإصلاحيين في انتخابات عام 2021، حيث لم يترك نظرة الجمهور السلبية تجاه السياسة الداخلية للحكومة تؤثر على ظريف، لأن مجال عمله كان السياسة الخارجية".
ولكن هناك من ينفي احتمال ترشح محمد جواد ظريف للانتخابات الرئاسية الإيرانية المقبلة ومنهم وزير الصناعة الأسبق، ومساعد الرئيس الإيراني في حكومة هاشمي رفسنجاني "مصطفى هاشمي طبا"، والعضو البارز في حزب "نداء الإيرانيين"، "شهاب طباطبائي"، والأستاذ الجامعي والناشط المدني المعروف، "صادق زيبا كلام".
وينفي "زيبا كلام" بقوة احتمال ترشح ظريف ويقول : "ظريف لن يأتي إلى الساحة كما أن الإصلاحيين لا يمكنهم أن يدعوا بأن ظريف مرشحهم، لأنه لم يكن إصلاحيا بتاتا، فحتى لو حصل الإجماع بين الإصلاحيين والمتشددين الأصوليين على ترشح ظريف وأن يعلنوا في ندوة علنية وعامة بأن ظريف مرشحهم الأول والأخير، فإنه لن يحصل على أصوات، لأن الشعب سئم من القوى السياسية وظريف ليس استثناء وفقا لهذه القاعدة، ولن يحصل على دعم التيارات الاجتماعية التي قد لا تتوجه إلى صناديق الاقتراع، لذا أتوقع أن يحدث ما حدث للبرلمان وأن يفوز أحد المتشددين بعد حصوله على الحد الأدنى من الأصوات، وسوف يتربع على كرسي رئاسة الجمهورية، شخص من نسيج نواب البرلمان في دورته الحادية عشرة".